السبت، 5 أكتوبر 2019

اختبارات التحقق من سلامة ومأمونية الأجهزة الطبية – أهدافها ونماذج منها

مقدمة

يمر الجهاز الطبي بعدة مراحل بدءا من كونه فكرة إلى تحوله لنموذج أولي ومنه لمنتج نهائي يحصل على اعتماد الجهة الرقابية وبعدها تبدأ مرحلة الاستخدام وبالنهاية يخرج من الحدمة. تنقسم الاختبارات المطلوب أدائها على الجهاز خلال فترة حياته إلى عدة أقسام رئيسية منها:

  1. اختبارات التحقق من صحة الإدعاء المرتبط بالجهاز يتم فيها التأكد من أن الجهاز يؤدي الغرض الذي صنع من أجله بغض النظر عن سلامته ومأمونيته.

  2. اختبارات التحقق من مدى كفاءة الجهاز في تأدية الغرض الذي صنع من أجله حيث تتفاوت قدرات الأجهزة في تحقيق المراد منها، فبعضها يحققه بنسبة 70% وبعضها يحققه بنسبة 95% ولابد من التحقق من هذه النسبة للتعرف عما إذا كان جهاز يعتمد عليه أو لا، ومجددا لا علاقة بين هذه الاختبارات وبين التحقق من سلامة الجهاز ومأمونيته، فقد تكون كفاءته عالية لكن مستوى خطورته مرتفع.

  3. اختبارات التحقق من سلامة ومأمونية الجهاز للتأكد من أنه لا يتسبب بنقل العدوى، أو اصابة المريض والمستخدم بجرعة إشعاع اضافية، أو يتسرب منه تيارات كهربائية عالية للمريض، أو يقوم بتلويث عينات المريض قبل اختبارها أو ترفضه كريات الدم البيضاء لعدم موائمته للجسم وينبغي ملاحظة أن الجهاز قد يملك كفاءة عالية ودقة ممتازة لكنه يشكل خطراً كبيرا على المريض.

  4. اختبارات التحقق من عدم إنحراف المعايرة لأجهزة القياس وأجهزة اصدار الطاقة مثل الليزر والأشعة وأجهزة القطع الجراحي والتخدير والتنفس لأن الأصل فيها هو أن أداء الجهاز يتغير مع الاستخدام مهما كان جودة تصنيعها وسبق وأن كتبت تدوينتان سابقتان عن هذا الموضوع،تحذير للمؤسسات الصحية: إنحراف المعايرة للأجهزة الطبية – هل قراءات تحاليلكم صحيحة؟ نماذج وأمثلة، قياس إنحراف المعايرة لأجهزة القياس بالمنازل والمختبرات ضرورة منسية

  5. اختبارات فحص عمل وأداء الجهاز لتقييم سهولة أو صعوبة الاستخدام والتعرف على الأخطاء والمخاطر الممكن حصولها أثناء تشغيله وتقييم تجربة المستخدم والمريض للجهاز وتقييم دقة كتيب الاستخدام وسهولة تتبع ارشاداته.

  6. اختبارات خاصة مثل التحقق من التعبئة والتغليف والتعقيم وأثر تداخل الموجات الكهرومغناطيسية والأمن الإلكتروني من الاختراقات والفيروسات الإلكترونية.

تختلف نوعية وطبيعة الاجراءات المطلوبة في كل نوع من هذه الاختبارات بل لا توجد اختبارات محددة يمكن تطبيقها على كل الأجهزة ولابد من تصميم اختبارات خاصة بل وبناء أجهزة خاصة لأداء هذه الإختبارات على كل جهاز على حدة والتأكد من نتائجها وتقوم مصانع الأجهزة الطبية بإجراء كل الاختبارات السابقة على أي منتج جديد يتم اختراعه أو تصميمه كما تقوم الجهات الرقابية بالتحقق من أن المصنع قام بإجراء هذه الاختبارات بشكل محايد وعلمي وتتأكد من نتائجها.

الاتفاق العالمي على أدنى مستويات السلامة والمأمونية والكفاءة للأجهزة والمنتجات الطبية:

تقوم منظمتي الآيزو ومنظمة الكهروتقنية الدولية (IEC) بتشكيل لجان مواصفات قياسية بها خبراء من شتى أنحاء العالم يمثلون هيئات المواصفات والمقاييس بكل دولة، وتحوي هذه المواصفات القياسية بنوداً تساهم في تحديد معايير الأنواع 3،5 أللاختبارات علاه (هناك 10 لجان دولية يشارك بها موظفو هيئة الغذاء والدواء السعودية للأجهزة الطبية لصياغة مواصفات قياسية للاجهزة الطبية) أما الاختبارات 1،2،4 فغالبا ما تترك للمستخدم النهائي ليقوم بها، وهذا يعني أن مواصفات الآيزو والكهروتقنية تحدد أدنى مستويات السلامة والمأمونية التي ينبغي لأي جهاز أن يحققها قبل دخوله للأسواق أي أن هذه المواصفات تقف على مسافة متساوية من كافة الأجهزة والمنتجات الطبية المعتمدة من الجهات الرقابية بمعنى أن المواصفة القياسية للآيزو قد تقول بأن مستوى الدقة لجهاز معين ينبغي ألا يقل عن 85%  لدخوله للسوق، فلابد لأي مصنع يرغب بدخول منتجه للسوق من أن يصمم جهازا تزيد دقته عن 85% ويترك الأمر للمستخدم لتحديد ما يناسبه من الدقة في مواصفات مناقصته الفنية (وليس القياسية) التي يريدها بمنشأته الصحية فقد تناسبه نسبة 90% وقد يرغب في 98% وكلما اترفعت النسبة كلما زاد السعر.

أهمية رقم التشغيله وتاريخها في تتبع المنتج للتعامل مع بلاغات حوادث الأجهزة والمنتجات الطبية

تقوم المصانع بصنع المنتجات على دفعات بناء على الطلبات التي تصلها ويتم تخصيص رقم تشغيله لكل المنتجات التي تم تصنيعها دفعة واحدة بحكم أنها تملك نفس معايير التصنيع وعادة ما يضاف رقم التشغيله وتاريخها على الملصق الموجود على عبوة المنتج ويتم تتبع هذه التشغيلة من مكان لمكان وفي حال حصول بلاغ لحادث على منتج معين أو قشل بعض منتجات رقم تشغيله معينة في اجتياز اختبارات السلامة والمأمونية التي تقوم بها الهيئات الرقابية وهيئات المواصفات والمقاييس ومكاتب التحقق من المطابقة يتم تتبع كافة المنتجات التي تحمل نفس رقم التشغيله بكل مكان بالعالم للتعامل معها بحسب نتائج التحقيقات الخاصة بذلك الحادث.

الجدير بالذكر بأن فشل منتجات رقم تشغيله معينة لا يعني بأن كل ما تصنيعه بذلك المصنع فاشل وسيء فقد تكون هناك ظروف معينة حصلت مثل انقطاع تيار كهربائي أو تسرب كيماوي أو سوائل أو عطل أحل أجهزة المصنع أو خطأ بشري حصل أثناء تصنيع تلك التشغيله وأدى لمشكلة في المنتج النهائي لم تظهر إلا عند الاستخدام.

إجراء الاختبارات ضرورة مستمرة لضمان تحقق المتطلبات بكل تشغيلة تخرج من المصنع سواء اليوم أو بعد سنة

تحرص المصانع الجيدة والحريصة على جودة منتجاتها (أوكد لا تقوم كل المصانع بهذا الأمر) على أن تضيف عدة مراحل من الاختبارات بنهاية خطوط انتاج الإجهزة والمنتجات الطبية لتتحقق من سلامة وكفاءة ما تم تصنيعه في خط الانتاج وفي حال نجاح المنتجات بالاختبارات يتم تعبئتها وتغليفها وإرسالها للمستخدم. السؤال المهم هنا هو أنه من غير المعقول اختبار كل المنتجات المصنعة لأن هذا يستغرق وقتا طويلاً من جهة كما أن بعض الاختبارات تتطلب تكسير المنتج وألا يصبح قابلا للاستخدام بعده، فما هو العدد الكافي من العينات الذي يمثل العينة؟ كم عينة تختبر لو كان عدد ما تم تصنيعه 10 آلاف منتج؟ كم العدد لو ما تم تصنيعه 100 منتج؟ هناك اجابات واضحة لهذا السؤال ببعض المنتجات ولكن تجتهد المصانع بهذا العدد في منتجات أخرى.

التحقق من سلامة ومأمونية المنتجات قبل دخولها السوق هاجس يؤرق الجهات الرقابية، ما الذي يضمن بأن المصنع مستمر بتطبيق معايير التصنيع الجيد التي تحققت منه الهيئة الرقابية ببداية حصول المصنع على الترخيص؟ هناك أكثر من 4 آلاف مصنع مسجل بهيئة الغذاء والدواء السعودية، فهل من المعقول أن ترسل الهيئة مراقبين عليها كلها؟ ليس مرة واحدة بل كلما قام المصنع بالتصنيع؟ إنها مسألة غير ممكنة ولهذا تحرص الجهات الرقابية على التحقق من أن المصنع يلتزم بمعايير التصنيع بشكل مستمر من خلال أخذ عينات من كل عينة تشغيلية يقوم المصنع بصناعتها واختبارها للتحقق من تحقيقها للمواصفات القياسية المرتبطة بها وكثيرا ما يحصل بأن المصنع يخطئ في تطبيق معايير التصنيع في أحد الأرقام التشغيلية مما يترتب عليه سحب المنتجات المصنعة في تلك الفترة فقط بدون أن يؤثر ذلك على بقية المنتجات المصنعة قبل أو بعد الفترة التي حصل بها الخطأ أو العيب المصنعي. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق